[CENTER]بسم الله الرحمن الرحيم
[size="5"]
إن من مظاهر زهو المسلم بدينه واعتزازه بتعاليمه أنه قدّم له حتى ما يهضم به طعامه وذلك حيث يقول صلى الله عليه وسلم {أَذِيبُوا طَعَامَكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ وَالصَّلاَةِ وَلاَ تَنَامُوا عَلَيْهِ فَتَقْسُوا قُلُوبُكُمْ}[1]
ومن أسرار إعجاز هذا البيان النبوي أن العالم المتحضر بدأ الآن يدرك فساد المواد التي استخدمها لهضم طعامه ونهى عنها الإسلام أتباعه لفسادها كالخمر والبيرة أو لأضرارها كالمياه الغازية بأنواعها بما تحويه من مواد حافظة كالصودا أو مكسبات لون أو طعم أو رائحة وكلها ذات أضرار بالغة بحياة الإنسان وصحة الإنسان
ويكفى أنها تفسد معدة الإنسان وتعرضه للإصابة بسرطان الأمعاء بل وأدعى إلى العجب أن العالم بدأ ينتبه إلى الحكم الصحية النبوية الخالدة فهنا يدعونا النبي الكريم إلى الاستعانة على هضم الطعام بذكر الله سواء تسبيح أو تحميد أو تلاوة قرآن أو صلاة على النبي لماذا ؟
لأن ذكر الله يمنح النفس سكينة والأعضاء طمأنينة والقلوب رضا وهذه الحالة النفسية أكبر معاون على صلاحية عمل أجهزة الإنسان فإن معظم أمراض العصر سببها القلق والهم والغم حتى أن دكتور ماير الأمريكي يقول في ذلك {إن القلق يجعل العصارات الهاضمة تتحول إلى عصارات سامة تؤدى في كثير من الأحيان إلى قرحة المعدة}
بل إن الدكتور كارل يونج وهو أعظم أطباء النفس يقول في كتابه (الإنسان العصري يبحث عن نفسه) {إن كل المرضى الذين استشاروني خلال الثلاثين سنة الماضية من كل أنحاء العالم كان مرضهم هو نقص الإيمان وتزعزع عقائدهم ولم ينالوا الشفاء إلا بعد أن استعادوا إيمانهم }
أما الصلاة فأثرها الطبي على هضم الطعام لا يستطيع أن ينكره أحد بل إن من الحكم العظيمة لصلاة التراويح في شهر رمضان هو ما تقدمه للمصلى من مساعدة بالغة في هضم الطعام ويكفى لبيان أهميتها في ذلك أن نسوق هذا النص للدكتور / أحمد عبد الرءوف هاشم في كتابه {رمضان والطب} صـ 45 حيث يقول :
{فأثناء الصلاة في الركوع يضغط المرء على بطنه وأمعائه وكذلك أثناء السجود والنزول إليه وهذا الضغط وبالذات على الكبد وقنواته يزيد من العصارة الصفراوية الذاهبة إلى الأمعاء والمساعدة في هضم الدهون وتحويلها بواسطة انزيم الليباز إلى أحماض دهنية وجلسرول والتي قد يتعسر هضمها في غيبة هذا الإنزيم
والضغط على الأمعاء ينبه الحركة الدودية للأمعاء الدقيقة والغليظ فيعاون في أداء عملية الهضم وأداء فعل التبرز بكيفية سليمة فيجنب حدوث الإمساك وحركة العضلات أثناء الركوع والسجود والقيام يؤدى إلى تقويتها وبخاصة عضلات جدار البطن فتمنع ترهلها فيتلافى المرء السمنة وتشويه القوام وتكوين الكرش
وحين يركع المسلم وحين يسجد يزيد معدل تدفق الدم إلى النصف العلوي من الجسم وبخاصة المخ والرأس وتكرار هذا الفعل يجعل كمية الدم وما يحمله من غذاء للخلايا أكبر وبالتالي يزداد معدل التنبه والتركيز والقدرة على التفكير بعمق}
هذا بالإضافة إلى الجو الروحي الذي تجلبه الصلاة والذي يؤدى إلى راحة النفس وهدوئها فيتم الهضم في جو سليم وصحي من الناحية النفسية بكفاءة وتنتفي أسباب حدوث الأمراض المتعلقة بالهضم والتي ثبت أن لها أسبابا عصبية ونفسية :
كقرحة المعدة والإثني عشر والقولون العصبي واضطرابات الهضم العصبي وصعوبة البلع العصبي وفقدان الشهية العصبي وغير هذا من أمراض القلب والضغط والأمراض العصبية والنفسية وهكذا يؤكد العلم الحديث أن هناك ارتباطا وثيقا بين إتمام الهضم وتناول الطعام في جو نفسي طيب وبين سير أمور الهضم وعملياته بكفاءة وصدق الله العظيم إذ يقول {إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً{19} إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً {20} وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً{21} إِلَّا الْمُصَلِّينَ{22} الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ{23} المعارج[/size]
[size="3"][1] أخرجه الطبرانى وأبو نعيم فى الطب وأخرجه ابن نصر في "قيام الليل"(ص 19-20), والعقيلي في "الضعفاء"(ص57) و ابن عدي في "الكامل"(40/2) وأبو نعيم في "أخبار أصبهان"(1/96) وابن السني في "عمل اليوم والليلة"(ص165) عن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها الصديق وقد ذكر ابن القيم في زاد المعاد وهذا نصه ( وروي عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال {أذيبوا طعامكم بذكر الله عز وجل والصلاة ولا تناموا عليه فتقسو قلوبكم وأحرى بهذا الحديث أن يكون صحيحاً والواقع في التجربة يشهد به} ونقله ابن حبان في المجروحين وحكم عنه بأنه [فيه] بزيغ بن حسان يأتي عن الثقات بأشياء موضوعات كأنه المتعمد لها[/size]
منقول من كتاب [مائدة المسلم بين الدين والعلم]