السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
إن القيم الاجتماعية وخاصة الدينية المتجذرة والمتعمقة في المجتمع العربى والإسلامى ساعدت في تعميق روح العمل التطوعي فيه بالإضافة إلى التراث الشعبى المنقول من خلال الأدب القصصى و الشعر والغناء والأمثال، والذي يشيد بهذه الروح فتظل متقدة في المجتمع حتى بعد زوال الظروف المادية التى قام عليها ذلك التراث الشعبي.وحيث أن مفهوم التطوع فى الدول الغربية – بصفة خاصة – يفصل ما بين مفهومى الصدقة من جانب و مساعدة الآخرين من جانب آخر، فإن الدين الإسلامى لايدعو لذلك الفصل، وهو المؤثر الأساس فى هذه المجتمعات.
وفيما يلي بعض الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التى توضح الحث على العمل التطوعي والذي هو بمثابة صدقة في الإسلام.
من القرآن الكريم
· " وتعاونوا على البر والتقوى "
· " ومن تطوع خيراً فهو خير له"
· " وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل"
· " وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم"
من الأحاديث الشريفة
· " إن لله عباداً اختصهم لقضاء حوائج الناس، حببهم للخير وحبب الخير إليهم، أولئك الناجون من عذاب يوم القيامة"
"لأن تغدو مع أخيك فتقضي له حاجته خير من أن تصلي في مسجدي هذا مائة ركعة"
· " من كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له"
· " خير الناس أنفعهم للناس" والحديث يشير إلى نفع الناس أجمعين وليس نفع المسلمين فقط.
· " المال مال الله والناس عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله"
· " تبسمك في وجه أخيك صدقة" وهذا يدل على أن التصدق المعنوي له مكانة كذلك
في الإسلام وقد يكون البعض اشد حاجة له من التصدق المادي
· " مازال جبريل يوصني على الجار حتى ظننت انه سيورثه"
· وقد اتخذت الصدقة في الإسلام والدولة الإسلامية صورة مؤسسية في شكل الأوقاف في صورها المختلفة من خلال المساجد ، الخلاوي القرآنية و الوقف الاستثماري لدعم المساجد ودور العلم، كما هو الحال فى دواوين الزكاة فى العديد من الدول الإسلامية.
التأثير والثأثر على المستويين العربى و الدولى
لقد انحصر مفهوم العمل الطوعي والمنظمات الطوعية في عالمنا العربى وخارجه وحتى منتصف الثمانينات على ذلك العمل الفردى أو الجماعى غبر المنظم عند الكوارث والملمات، وتطور تلقائياً إلى تلك المنظمات التى تقدم خدمات إجتماعية للمجموعات الضعيفة والتى يطلق عليها المجموعات الخاصة في علم الخدمة الإجتماعية والذي هو الأساس العلمي للعمل مع هذه المجموعات، مثل الأطفال الجانحين أو غير الشرعيين والمعوقين مثل المكفوفين والصم والبكم. وهناك منظمات طوعية غير هذه المجموعات الخيرية مثل الجمعيات التعاونية والتى تدرج تحت التعاونيات والنقابات.
في بداية الثمانينات، بدأ التفكير في الدول الغربية لتوظيف المنظمات التطوعية الخاصة للعمل في مشاريع التنمية في الدول النامية. وفي التسعينات بدأ توسع واضح في مفهوم العمل التطوعي إذ شمل مفاهيم وأبعاد سياسية، أهمها مفهوم المشاركة السياسية والحكم الراشد. فمثلا،ً تبنت الأمم المتحدة مفهوم الحكم الراشد بركائزه الثلاث وهي : الدولة والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية، والتى أطلق عليها اسم القطاع الثالث كجزء أساسي في المجتمع.
وسائل العمل التطوعى
من الحقائق الثابتة أن المجتمع بكل جوانبه الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والثقافية وقيمه الأخلاقية والروحية كل لا يتجزأ إلا في التجريد العلمي. وهذه الحقيقة تنبع وتقوم على حقيقة أساسيه هي أن الإنسان بوصفه الخلية الحية للمجتمع كل لا يتجزأ. ولذلك فان العمل الطوعى يجب أن لا ينحصر في جوانب محدودة للمجتمع والإنسان، بل يجب أن يتسع ليشمل كل المجتمع وكل الإنسان وحقوقه الأساسية في الحياة والسلام والحرية وليشمل حقوقه الإجتماعية من مأكل ومشرب ومسكن وملبس وصحة وتعليم وحقوق إقتصادية أهمها الحق في العمل والأجر والراحة والعطلات، وليشمل كذلك الحقوق السياسية والمدنية كافة بما فيها الحق في المساواة أمام القانون وحق التنمية.
إن العمل التطوعى بهذه الأهداف الواسعة يتعدى المفهوم التقليدي الخيري، فلا ينحصر في مساعدة ودعم المجموعات الخاصة المستضعفة مثل المعوقين والأيتام والأرامل والمشردين وفى محاربة الفقر فقط. وهو ما يجب علينا بحثه ونقاشه فى مجتمعنا العربى، والإستفادة فى ذلك من التقنية الحديثة فى مجالات الأعلام (الفضائيات) و شبكات الإتصالات وغيرها من وسائل الأعلام حتى نشكل مفهوم موحد للتطوع يعكس وجهة النظر العربية ويبرز خصوصية مجتمعاتنا وعقائدنا وعاداتنا السمحة، ويكون لنا المرجع للعمل من خلاله. عندها فقط، نستطيع أن نؤثر و نتأثر إيجابياً، بدلاً عن أن نكون فى وضع المتأثر سلبياً، أو المتلقى فقط.